في ظل الأحداث الحزينة التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية والعالم كله، كانت وفاة الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بعد أن عاش مئة عام من الزمان حدثًا تاريخيًا يستحق التأمل والتيجان. كارتر، الذي شغل منصب الرئاسة بين عامي 1977 و1981، لم يكن فقط رئيسًا، بل كان أيضًا رمزًا للسلام والعدالة وحقوق الإنسان خلال حياته بعد الرئاسة.
رحل كارتر في ظل تقدير عالمي واسع لما أسهم به في تعزيز السلام والعمل الإنساني. وعلى الرغم من أن فترة رئاسته كانت مليئة بالتحديات الاقتصادية والسياسية، فقد استمر في بذل جهوده للتأثير على العالم بشكل إيجابي بعد انتهاء فترة ولايته. واحدة من أبرز إنجازاته كانت توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979، التي وضعت السلام بين مصر وإسرائيل على الخريطة، وهو إنجاز لم يكن ليتحقق لولا جهوده المتواضعة والمخلصة.
بعد الرئاسة، أسس كارتر وزوجته روزالين “مركز كارتر”، الذي عمل من خلاله على تعزيز الديمقراطية، مراقبة الانتخابات، مكافحة الأمراض، وتعزيز حقوق الإنسان في أكثر من 80 دولة حول العالم. كانت جهوده هذه تجسيدًا للقيادة التي لا تعرف الهدنة، حتى بعد خروجه من الساحة السياسية الرسمية.
لقد شهد العالم وداعًا عاطفيًا لكارتر، حيث توالت التعليقات من زعماء العالم وسياسيين أمريكيين. أعرب الرئيس جو بايدن عن حزنه الشديد ووصف كارتر بأنه “صديق عزيز” للعالم، مشيرًا إلى إرثه الكبير في تعزيز السلام والديمقراطية. ومن جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على أن كارتر سيظل في الأذهان لتضامنه مع الضعفاء وإيمانه بالصالح العام.
كما أن التأثير الذي تركه كارتر في قلوب الملايين لم يكن ينحصر في الساحات السياسية فحسب، بل امتد إلى العمل الخيري. كان يقوم بالعمل اليدوي في منظمة هابيتات للإنسانية، حيث ساعد على بناء منازل للعائلات المحتاجة، موضحًا أن القيادة الحقيقية تكمن في خدمة الآخرين بلا هوادة.
في نهاية المطاف، كان جيمي كارتر رئيسًا استثنائيًا لم يقتصر تأثيره على فترة رئاسته، بل استمر يلهم العالم بجهوده للسلام والعدالة حتى آخر لحظة في حياته. وداع كارتر ليس فقط وداعًا لرجل، بل لفكرة ولرؤية عالمية نحو عالم أفضل وأكثر عدالة.