باريس – في تطور جديد على الساحة الدولية، أعلنت فرنسا عن تنفيذ ضربات جوية في سوريا استهدفت مواقع تابعة لتنظيم “داعش”. تأتي هذه الخطوة كأول تدخل عسكري فرنسي على الأراضي السورية منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وهو الحدث الذي أعاد رسم ملامح الخريطة السياسية في المنطقة.
تفاصيل العملية
صرحت وزارة الدفاع الفرنسية، في بيان رسمي، أن الضربات استهدفت معاقل استراتيجية للتنظيم الإرهابي في شمال سوريا، تضمنت مستودعات أسلحة ومراكز قيادة. وأكد البيان أن العمليات تمت باستخدام طائرات مقاتلة حديثة مدعومة بطائرات استطلاع، وذلك بالتنسيق مع التحالف الدولي لمحاربة “داعش”.
وأضاف البيان: “هذه الخطوة تأتي استجابة للتهديدات المتزايدة التي يشكلها التنظيم الإرهابي على الأمن الدولي، وتهدف إلى تقويض قدرته على التخطيط وتنفيذ هجمات في المنطقة وخارجها.”
خلفية التدخل
يعد هذا التدخل العسكري الفرنسي الأول منذ التغيير الكبير الذي شهدته سوريا عقب سقوط نظام الأسد. فرنسا، التي كانت في السابق معارضة حادة لنظام الأسد، وجدت نفسها أمام تحديات جديدة مع تزايد نفوذ الجماعات الإرهابية واحتدام الصراعات بين الأطراف المختلفة في البلاد.
من الجدير بالذكر أن باريس كانت قد أوقفت عملياتها الجوية في سوريا منذ سنوات، مفضلة التركيز على الدعم الإنساني والدبلوماسي في الأزمة السورية. ومع ذلك، فإن تصاعد التهديدات الإرهابية دفع الحكومة الفرنسية إلى تغيير استراتيجيتها، خاصة بعد تلقي تقارير استخباراتية عن مخططات لتنظيم “داعش” تستهدف المصالح الفرنسية.
ردود الفعل الدولية
لقيت الخطوة الفرنسية ترحيبًا من قبل شركائها في التحالف الدولي، حيث أشادت الولايات المتحدة وبريطانيا بالضربات واعتبرتها “خطوة مهمة في الجهود الدولية للقضاء على الإرهاب.”
في المقابل، أثارت العملية مخاوف بعض الأطراف الإقليمية من تصاعد التوترات في سوريا، وسط غموض يكتنف مستقبل البلاد السياسي والأمني.
فرنسا وتحديات المرحلة المقبلة
يعكس هذا التدخل العسكري رغبة فرنسا في استعادة دورها البارز في الملفات الإقليمية والدولية، إلا أنه يأتي في وقت تواجه فيه الحكومة الفرنسية تحديات داخلية، من بينها الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية. ومع ذلك، يبدو أن باريس مصممة على مواجهة التهديدات الأمنية خارج حدودها، حتى لو تطلب الأمر الانخراط مجددًا في تعقيدات المشهد السوري.
تتجه الأنظار الآن إلى ما إذا كانت هذه الضربات ستفتح الباب أمام دور عسكري فرنسي أكبر في سوريا، أم أنها ستظل خطوة محدودة تستهدف ضرب تنظيم “داعش” فقط.