في ضوء الحرب الدائرة في غزة، التي أدت إلى تدهور كبير في النظام الصحي، تقدمت منظمة الصحة العالمية بنداء عالمي لوقف الهجمات على المرافق الصحية. هذا النداء يأتي في سياق توثيق العديد من الحوادث التي شهدتها مستشفيات غزة، حيث تعرضت للقصف والتخريب، مما أدى إلى وقوع ضحايا من بين المدنيين والعاملين في المجال الطبي.
الانهيار الصحي:
منذ بدء الأعمال العدائية، شهدت غزة انهيارًا تدريجيًا لنظامها الصحي. وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية، توقفت 65% من مرافق الرعاية الأولية و69% من المستشفيات عن العمل بشكل كامل أو جزئي بسبب نقص الوقود، والأدوية، والمعدات الطبية اللازمة. النتيجة هي زيادة مخاوف عدم تقديم الرعاية الطبية الأساسية للملايين من السكان، بما في ذلك النساء الحوامل، الأطفال، والمرضى المزمنين.
حملة الهجمات العسكرية:
الهجمات المتعمدة على المرافق الصحية في غزة لم تكن مجرد حوادث جانبية للقتال. تقارير وثقت ما يزيد عن 111 هجمة على المرافق الصحية، بما في ذلك مستشفى الشفاء، الذي أصبح هيكلًا فارغًا بعد أن دُمرت معظم مبانيه ومعداته. هذه الهجمات شملت نقاط تفتيش في المستشفيات، تدمير سيارات الإسعاف، واستهداف العاملين في المجال الطبي، مما أدى إلى مقتل العديد منهم وإصابة عشرات آخرين.
الوقود ينفد وأجهزة تخرج من الخدمة:
منذ أن أصبح وقود المستشفيات في غزة ينفد، توقفت العديد من الأجهزة الطبية الحيوية عن العمل. تسبب نقص الوقود في إيقاف مولدات الكهرباء، مما أدى إلى تعطيل معظم المستشفيات. وفقًا لما ذكره مدير عام الهلال الأحمر الفلسطيني، مروان الجيلاني، فإن المستشفيات في غزة كان لديها ما يكفي من الوقود ليومين فقط، وهو ما يعني أن الخدمات الطبية توقفت تمامًا في بعض الأحيان. هذا النقص الحاد في الوقود جعل من المستحيل إدارة الأزمة الصحية، خاصة مع تدفق الجرحى.
نداء منظمة الصحة العالمية:
في مواجهة هذه الفظائع، أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانات متكررة تطالب بوقف الهجمات على المرافق الصحية، وضمان الوصول الآمن للعاملين الإنسانيين والإمدادات الطبية إلى غزة. المنظمة تؤكد على أن هذه الهجمات تنتهك قوانين الحرب الدولية التي تحمي المستشفيات وغيرها من المرافق المدنية. تم الضغط للحصول على وقف إطلاق نار دائم للسماح بإصلاح النظام الصحي وإنقاذ أرواح الكثيرين.
التداعيات الإنسانية:
الأزمة الصحية في غزة ليست مجرد إحصائيات وأرقام، بل هي قصص حياة وموت. مع تدمير المستشفيات، تزداد خطرة الوفاة بسبب عدم توافر الرعاية الطبية، وتنتشر الأمراض بسبب سوء الصرف الصحي والانعدام تقريبًا لمياه الشرب النظيفة. منظمة الصحة العالمية تحذر من أن الوضع يمكن أن يؤدي إلى كارثة إنسانية إذا لم يتم وقف العنف وتقديم المساعدات الطبية بشكل فوري.
النداء الذي أنطلق من منظمة الصحة العالمية ليس فقط صوتًا للمنظمة، بل هو صوت الإنسانية والعدالة الطبية. يحتاج العالم إلى أن يتحرك بسرعة لإنهاء هذا العنف ضد المرافق الصحية في غزة، لضمان حق كل إنسان في الحياة والرعاية الطبية. وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية بسرعة يمثلان الخطوة الأولى نحو استعادة بعض من الإنسانية التي تعرضت للخطر بسبب الحرب.