حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الولايات المتحدة شهد سياسة جمركية مثيرة للجدل، حيث أعتمد على فرض رسوم جمركية عالية كجزء من رؤيته الاقتصادية “أمريكا أولاً”. لكن ما هي الحقيقة وراء هذه الرسوم الجمركية؟ هل كانت أداة تفاوض فعالة أم تهديدًا جديًا كان له تأثيرات عميقة على الاقتصاد العالمي؟
الرسوم الجمركية كأداة تفاوض:
ترامب رأى في الرسوم الجمركية أداة قوية للتفاوض مع الشركاء التجاريين، خاصة الصين. وعد بفرض رسوم على الواردات لضغط على الدول الأخرى للتوصل إلى اتفاقيات تجارية أكثر توازناً مع الولايات المتحدة. في بعض الحالات، بدا أن هذه الاستراتيجية نجحت في جذب الدول للطاولة المفاوضات، كما حدث مع المكسيك في عام 2019، حيث تم التوصل إلى اتفاق لتخفيف تدفق الهجرة عبر الحدود بعد تهديد بفرض رسوم جمركية.
لكن، لم يكن كل شيء دائمًا على ما يرام. كثيرًا ما كانت هذه الرسوم تعتبر خطوة أولى في مفاوضات تجارية طويلة، حيث تم استخدامها للضغط على الدول لفتح أسواقها أو لتحسين الدعم للشركات الأمريكية.
التهديد الجدي:
من الجانب الآخر، كانت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تشكل تهديدًا جديًا للاقتصاد العالمي. فرض رسوم على واردات الصلب والألومنيوم من معظم الدول، بما في ذلك الحلفاء، أدى إلى ردود فعل عالمية، حيث فرضت دول أخرى رسومًا متبادلة على الواردات الأمريكية. هذا النوع من الحروب التجارية أثر على الصناعات في جميع أنحاء العالم، وزاد من تكاليف الإنتاج للشركات الأمريكية، ورفع أسعار المنتجات للمستهلكين.
كما أن الرسوم الجمركية لم تكن دائمًا موجهة نحو حماية الصناعات الأمريكية بقدر ما كانت تهدف إلى إضعاف اقتصادات الخصوم، مما أدى إلى توترات دبلوماسية وانخفاض في النمو الاقتصادي العالمي.
التأثير على الأمريكيين:
بالنسبة للأمريكيين، كانت الرسوم الجمركية لترامب لها آثار مختلفة. من جهة، شجعت بعض الشركات على إعادة استثمار في الولايات المتحدة بدلاً من الصين، لكن من جهة أخرى، أدت إلى زيادة في أسعار السلع اليومية، مما أثر على الفئات ذات الدخل المنخفض.
في النهاية، سياسة ترامب الجمركية كانت مزيجًا من الأداة التفاوضية والتهديد الجدي. كانت في بعض الأحيان تنجح في التوصل إلى اتفاقيات تجارية، ولكن في أحيان أخرى، أدت إلى توترات تجارية وعالمية يصعب التغلب عليها. أثرت هذه السياسة بشكل ملحوظ على الاقتصاد العالمي وعلى المستهلك الأمريكي، وسلطت الضوء على كيفية استخدام السياسة الجمركية كأداة في السياسة الدولية. فهم هذا التأثير يتطلب النظر في كل من الإنجازات القصيرة الأجل والتداعيات الطويلة الأجل لهذه الاستراتيجية.